الحشد الشعبي في العراق يؤسس أكاديمية عسكرية مستقلة: ما دلالات التوقيت؟

يثير إعلان الحشد الشعبي في العراق عن تأسيس أكاديمية عسكرية مستقلة العديد من التساؤلات حول الدوافع الكامنة وراء هذه الخطوة، وتأثيرها المحتمل على المشهد الأمني والسياسي في البلاد. ففي ظل التحديات المتزايدة التي تواجه العراق، بدءًا من خطر الإرهاب وصولًا إلى الصراعات السياسية الداخلية، يكتسب هذا التطور أهمية خاصة، ويدعو إلى تحليل معمق لدلالات التوقيت والأهداف الاستراتيجية.

دلالات التوقيت:

لا يمكن فهم دلالات هذا التأسيس بمعزل عن السياق الزماني والمكاني. فالعراق يمر بمرحلة انتقالية حساسة، حيث يسعى إلى ترسيخ الاستقرار بعد سنوات من الصراعات. في هذا الإطار، يمكن تفسير تأسيس الأكاديمية كخطوة تهدف إلى:

• تعزيز القدرات الذاتية: ربما يسعى الحشد الشعبي إلى تطوير قدراته العسكرية واللوجستية بشكل مستقل، بما يضمن استدامة دوره في مكافحة الإرهاب وحماية الأمن الوطني.
• تأكيد الدور المؤسسي: قد يكون الهدف هو ترسيخ مكانة الحشد كمؤسسة أمنية ذات هيكل تنظيمي متكامل، قادرة على تخريج كوادر مؤهلة ومدربة وفقًا لأحدث المعايير العسكرية.
• الاستعداد لمرحلة ما بعد داعش: بعد هزيمة تنظيم داعش الإقليمية، قد يهدف الحشد إلى إعادة تعريف دوره وتطوير استراتيجيته لتواكب التحديات الأمنية الجديدة.
• مواجهة التحديات الداخلية: ربما تسعى الأكاديمية إلى تدريب كوادر قادرة على التعامل مع التحديات الأمنية الداخلية، مثل مكافحة الجريمة المنظمة وحماية الحدود.

الأهداف الاستراتيجية المحتملة:

بعيدًا عن الدلالات الظاهرية، يمكن التكهن ببعض الأهداف الاستراتيجية التي يسعى الحشد الشعبي إلى تحقيقها من خلال تأسيس هذه الأكاديمية:

• بناء جيش موازٍ: يثير هذا التأسيس مخاوف البعض من أن يكون الهدف هو بناء قوة عسكرية موازية للجيش العراقي، مما قد يؤدي إلى تقويض سلطة الدولة وزيادة الانقسامات.
• ترسيخ النفوذ السياسي: قد يكون الهدف هو استخدام الأكاديمية كأداة لتعزيز النفوذ السياسي للحشد الشعبي، من خلال تخريج كوادر موالية له وتولي مناصب قيادية في الدولة.
• الحفاظ على الهوية: ربما يهدف الحشد إلى الحفاظ على هويته المميزة وتراثه القتالي، من خلال نقل الخبرات والمعرفة العسكرية إلى الأجيال القادمة.

التحديات والمخاطر:

لا يخلو هذا التأسيس من التحديات والمخاطر المحتملة، والتي يجب أخذها في الاعتبار عند تقييم هذه الخطوة:

• التنسيق مع الجيش العراقي: يجب ضمان التنسيق الكامل مع الجيش العراقي لتجنب الازدواجية والتضارب في الأدوار والمسؤوليات.
• الشفافية والمساءلة: يجب أن تكون الأكاديمية خاضعة للرقابة والمساءلة لضمان التزامها بالقانون وحقوق الإنسان.
• تجنب الطائفية: يجب أن تكون الأكاديمية مفتوحة لجميع العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو العرقية، لتجنب تعميق الانقسامات الطائفية.
• الدعم الدولي: قد يواجه الحشد الشعبي صعوبات في الحصول على الدعم الدولي للأكاديمية، بسبب المخاوف بشأن دوره في الصراعات الإقليمية.

خلاصة:

إن تأسيس الحشد الشعبي لأكاديمية عسكرية مستقلة يمثل تطورًا هامًا في المشهد العراقي. يتطلب فهم هذا التطور تحليلًا دقيقًا لدلالات التوقيت والأهداف الاستراتيجية المحتملة، مع الأخذ في الاعتبار التحديات والمخاطر المصاحبة. يبقى السؤال المطروح: هل ستساهم هذه الأكاديمية في تعزيز الأمن والاستقرار في العراق، أم ستؤدي إلى تفاقم الانقسامات وزيادة التوتر؟ الإجابة على هذا السؤال تتوقف على كيفية إدارة هذه الخطوة وتوجيهها نحو خدمة المصلحة الوطنية العليا.